موريتانيا /الحكامة السياسية : أيام تشاورية حول التحضير التشاركي للانتخابات الرئاسية

في إطار سياستها الهادفة إلى خلقِ مناخٍ سياسي هادئ، توخّياً للتقارُب فيما بين الفاعلين السياسيين، بشأن المواقف من كبريات القضايا الوطنية بشكلٍ يُعزّز اللُّحمة الاجتماعية، ويعضد الإجماع الوطني، ويكرَس قيّمَ التعددية الديمقراطية نظمت الحكومة الموريتانية عن طريق وزارة الداخلية ورشةِ الأيام الوطنية للتشاور حول التحضير التشاركي للانتخابات الرئاسية وتطوير الحكامة السياسية، في قصر المؤتمرات في نواكشوط، في الفترة ما بين 09 إلى غاية 15 مارس 2024.

وقد شارك في ورشات العمل، التي نظمتها وزارة الداخلية واللامركزية ممثلون عن كل من: الأحزاب السياسية القائمة؛ التشكيلات السياسية المترشحة لنيل تراخيص حزبية؛ المركزيات النقابية العمالية ومنظمات المجتمع المدني؛ وحضرها أيضا ممثلون عن كل من: المجلس الدستوري؛ اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات؛ والسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية.

وتميز حفل الافتتاح بخطاب لوزير الداخلية واللامركزية السيد: محمد أحمد ولد محمد الأمين، أطّر في مستهله هذه الأيام، مؤكدا أنها تتوج مسلسل التشاور مع الطيف السياسي الذي بدأ باللقاءاتِ المنتظمةِ لفخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني برؤساءِ الأحزاب وبالفاعلين السياسيين، وقادةِ الرأي، واستمرارا للنهج التشاركي الموسع والمستمر مع جميع الأطراف: لجنةً مستقلةً للانتخابات، وسلطةً عليا للصحافة والسمعيات البصرية، وأحزابا سياسية، ونقابات ومجتمعا مدنيا، وشخصيات مرجعية.

وأكد الوزير أن حرصَ القطاع على صيانةِ الحريات الفردية والجماعية، وتوسيعَ فضاءاتِ ممارستِها بطُرقٍ واعية، لا يُضاهيه إلا تقدير الوزارة لجسامةِ أمانةِ تحمُّل المسؤولية السياسية بكافة متطلباتِها المبْدئيةِ والأخلاقيةِ، والقانونية، وذلك من منظورِ الدستور. وأضاف أنه في الوقت الحالي، على الرغم من وجود عشرينَ حزباً سياسيا مُرخصا، وثمانية وتسعينَ ملفّا مُودَعاً، لدى المصالحِ المختصة؛ فإن الوزارة لا تهدف إلى تقييدِ العمل السياسي، أو التضييقِ على الراغبين في تراخيص الأحزاب، ولا إلى مُصادَرة الحرّيات.

وعلى هامش اختتام هذا اللقاء ثمن المشاركون في أعمال هذه الأيام تنظيم هذا التشاور من طرف وزارة الداخلية واللامركزية، مطالبين بتنظيم انتخابات نزيهة وشفافة وذات مصداقية، والإسراع في تفعيل مرصد وطني لمراقبة الانتخابات بتشكيلة تضم المركزيات النقابية والهيئات ذات الصلة.

كما دعا المشاركون إلى ضرورة مراجعة قانون الأحزاب أو سن قانون جديد يحسن من مختلف جوانب الحياة الحزبية، مؤكدين أن حرية إنشاء الأحزاب السياسية يجب أن تبقى مكفولة مع التحسين من المعايير وضبطها. واقترح المعنيون إلزامية تنظيم مؤتمر تأسيسي كشرط مسبق للحصول على الترخيص والتأكد من أن المؤتمر يعكس تنوع انتماء الأعضاء المؤسسين، مطالبين بمنع أصحاب الخطابات الفئوية من الترخيص.

كما طالب البعض بمنح الأحزاب إعفاءات من الضرائب و الرسوم، و ضرورة العدالة بالدعم المعنوي و المادي للأحزاب وحل كل حزب سياسي يدعو إلى التفرقة والفتنة و يتبنى خطابا عنصريا و يقوم بعمل يتعارض مع الثوابت الوطنية. وطالبوا أيضا، بمراجعة ضوابط الترشح عن طريق الأحزاب للانتخابات، و الحرص على تضمين قانون الأحزاب لمواد تضمن التناوب على الوظائف القيادية في الأحزاب.

وأوضح الأمين العام لوزارة الداخلية و اللامركزية، السيد محمد محفوظ ابراهيم أحمد، في كلمة له بمناسبة اختتام الورشة، أن تنظيم هذه الأيام يأتي تماشيا مع نهج الانفتاح والتشاور المستمر الذي كرسه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، منذ بداية المأمورية الرئاسية الحالية. و أشار إلى أن هذه الأيام التشاورية كانت جامعة للطيف الوطني بمختلف تجلياته، حيث حضرتها نحو خمسمائة شخصية، من الأغلبية والمعارضة و الاتحادات النقابية ومنظمات المجتمع المدني، كما واكبتها الهيآت المعنية بالانتخابات (اللجنة المستقلة للانتخابات والمجلس الدستوري و السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية).

و بين الأمين العام لوزارة الداخلية، أن المشاركين من مختلف المشارب والتوجهات و عبر النقاشات الجادة والمعمقة والمستفيضة، تمكنوا من التعبير عن آرائهم و اقتراحاتهم و اهتماماتهم بحرية تامة، و في جو يطبعه احترام الرأي والرأي الآخر، مما ساهم في التوصل إلى رزمة من التوصيات القيمة والبناءة. و قال إن تطبيق مخرجات هذا التشاور، سيمكن من تنظيم انتخابات رئاسية توافقية، شفافة ونزيهة وذات مصداقية، و سيفضي أيضا إلى ترقية الحكامة السياسية من خلال المحافظة على مبدإ حرية التنظيم المكفول دستوريا و على التعددية و الحقوق والقوانين ذات الصلة والسهر كذلك، على أن تكون الأحزاب السياسية مؤسسات رائدة وفعالة تحمل مشاريع مجتمعية جامعة، تقام طبقا لأفضل المعايير، وتضبط من خلال دفاتر التزامات مناسبة، وتشكل مختبرات للديمقراطية ومدارس لترسيخ قيم المواطنة والجمهورية والتمرن على تدبير الشأن العام، مما سيضمن نجاعة العمل السياسي و ترشيد المشهد الحزبي وتسهيل تسييره والحيلولة دون تمييعه وتشرذمه، إضافة إلى سلاسة وسلامة العمليات الانتخابية.

و أكد أن وزارة الداخلية واللامركزية لن تدخر أي جهد، في أن تكون عند حسن الظن ، و أن التوصيات و التطلعات ستحظى بكامل التمحيص والدراسة و العناية والاهتمام، و ستبقى الوزارة على اتصال دائم مع الأطراف المعنية في مراحل تنفيذ التوصيات و متابعتها. و أشار إلى أن برمجة و وتيرة تنفيذ بعض المخرجات لا بد أن تأخذ في الحسبان إكراهات التحضير للاستحقاق الرئاسي الذي أصبح على الأبواب، و أن مسلسل التشاور سيتواصل في المراحل المقبلة.

س م م

Retour a l'actualité